يتعرض الأطفال لخطر التأخر اللغوي عند عدم مجاراتهم لمظاهر النمو اللغوي لدى الأقران بمعدل 6 أشهر وأكثر، ويمكن أن يترافق التأخر مع تأخر في النمو الحركي والاجتماعي، كتأخر في الحبو والمشي، وتأخر في التفاعل واللعب مع الأقران. ويرجع سبب التأخر اللغوي لأسباب صحيّة كالإصابة بالصرع أو نقص الأكسجين وغيرها، وإما لأسباب بيئية بسبب ضعف التواصل مع الطفل أو الاستخدام الزائد للهاتف، وقد يكون التأخر وراثيًّا.
يمكن تحفيز اللغة وتطويرها عند الأطفال الطبيعين والمتأخرين بعدة استراتيجيات يتم اتباعها من الأهل، مع ضرورة مراجعة أخصائي النطق عند ملامح التأخر اللغوي لتسريع عملية تطوير اللغة ومجاراة التطور اللغوي والتدخل المبكر قدر الإمكان إذ يزيد ذلك من التحسن ويساعد بتسريع العلاج.
إن أهم ما يمكن فعله لتحفيز اللغة هو أن يكون الوالدان نموذجًا يتبعه الطفل، حيث يقوم الأب أو الأم بإنتاج الكلمة المطلوبة خلال الموقف، مثلا عندما ترغب الأم بتعليم الطفل كلمة (أريد) فإنها كلما طلب منها طفلها شيء تقول: (ماذا تريد؟ أريد كذا) وتعطيه ما يريد، وبالتكرار فإنه يتعلم الكلمة ويستخدمها.
من المهم أيضًا اتباع تسلسل لغوي ثابت في مواقف معينة لترسيخها لدى الطفل، ومع التكرار سيتعلم الطفل إنتاجها كلما تكرر الموقف، مثلا يمكن تكرار جملة (بسم الله) عند البدء بالأكل دائمًا وبتنغيمها بصوت هادئ، ومن المهم محاولة إعطاء فرصة للطفل للإنتاج العفوي.
على الوالدان أيضًا الحرص على تعريض الطفل لأكبر مخزون لغوي ممكن عن طريق وصف جميع أفعاله، بأن يتم وصف كل تصرف كمعلّق رياضي، فعندما يقوم الطفل بتناول تفاحة نقول له : (أنت تأكل تفاحة. التفاحة لونها أحمر. نحن نحب التفاح، التفاحة من الفواكه الحلوة) ونستمر بهذا الأسلوب لكل فعل يقوم به حتى يربط الكلمات بالأحداث الواقعية.
من المهم الاستفادة من مخزون الطفل اللغوي الذي يستمر بالنمو لتطويره أكثر، فحين يرى الطفل طائرة ويقول: (طائرة) نكمل له ( طائرة تطير في السماء، طائرة نسافر بها، الطائرة من المواصلات) وبهذه الطريقة نوسّع لغته شيئًا فشيئًا.
يجب أن نحاول منح الطفل فرصة لاستخدام اللغة، فنعرض له مواقف تعزز تواصله، نضع لعبته بعيدًا ليطلبها مثلًا، أو نتأخر في منحه الطعام ليطلبه، نحاول أن نسأله سؤالا بسيطًا عن مفردات تعلمها مسبقًا، مثلا نسأله : (أشم الوردة ب ...؟) ونترك له مساحة ليجيب بشكل صحيح.
اللغة تحتاج صبرًا لتعلمها، خاصةً حين يعاني الطفل من مشكلة تأخر لغوي بسبب مرض أو إصابة عضوية، ويجب محاولة تهيئة بيئة تسمح للطفل بالتجربة والخطأ واستخدام حواسه جميعًا في ذلك.
موسوعة دروب المعرفية - منصة طبكم