من المشكلات الشائعة ما يتعلق باضطرابات الطلاقة الكلامية وهي بنوعيها: التأتأة واعتلاج الكلام. وتُصيب هذه الاضطرابات الأفراد بمختلف الأعمار، وتتعلق بحدوث صعوبة في الإنتاج السلس للحديث وحصول عدة مظاهر مُعيقة منها: انحباس الهواء عند مخرج الصوت مما يعيق إنتاجه ويزيد الضغط على مخرجه، الإطالة عند الصوت وعدم القدرة على تقليل الضغط على المخرج، تكرار المقطع الصوتي أو الصوت بشكل ملفت للانتباه.
تترافق هذه المشكلة مع حركات جسدية ثانوية يلجأ لها الشخص المتلعثم دون وعي أحيانًا، بقصد تخفيف الضغط الذي يتعرض له أثناء الحديث، ويتمثل ذلك في رعشة اليدين واهتزاز القدمين، أو ما يتعلق بالرمش المستمر أثناء الحديث، وقد تظهر حركات وجه مزعجة لا إرادية وغير قادر على السيطرة عليها. أحيانًا تكون هذه المظاهر متعلقة بصوت النفس المسموع أو الصفير المستمر من احتكاك الأسنان قبل البدء بكلمة جديدة. ويؤثر ذلك على التواصل البصري مما يجعل المتلعثم يُشيح بوجهه عن الشخص الذي يتحدث إليه وقد يتجنب المشاركة والتواصل مع الآخرين.
للتأتأة عدة مستويات مقسمة حسب الشدة، وتعتمد على عدد اللعثمات بأنواعها الثلاث المذكورة سابقًا، وعلى طول مدة اللعثمة، وشدة الحركات الثانوية التي تتبين من القدرة على ملاحظتها إما تكون ملفتة وإما لا تُعرف إلا بالبحث عنها وقد لا تكون هناك حركات مرافقة لبعض الحالات.
تزيد عوامل الإصابة بالتأتأة حال وجود عامل وراثي في المحيط العائلي، وأن يكون المُتلعثم ذكرًا، وإن كانت البيئة المحيطة سلبية فإن التأتأة معرضة للازدياد سوءًا، ويكون سبب ظهورها إما تطوريّ عند الأطفال من سن الثانية للخامسة، وإما بسبب عصبيّ كإصابة الرأس أو جلطة دماغية أو مرض عصبيّ، أو بسبب نفسيّ بسبب صدمة نفسية أو اضطراب قلقٍ أو رهاب ويحتاج هنا لتدخل علاجي معرفي سلوكي.
لا يتم معالجة التأتأة تمامًا وإنما يتم العمل على تعديل لحظات التأتأة وتغيير أسلوب الحديث لتخفيف الضغط على المخارج والقدرة على البدء بسلاسة والتخلص من اللعثمة، ويتم البدء بتقليل الحساسية تجاه التأتأة وتأثيرها على الفرد، ثم يتبع ذلك استراتيجيات لتعلم البداية السهلة وإنتاج الأصوات منفردة بذلك وفي بداية كلمات متعددة، وأيضًا يتم تعلم تعديل لحظة التأتأة بإلغائها أو سحبها، وفي النهاية يتم العمل على تعميم ما سبق في سياقات متعددة.
هناك لحظات لا تحدث فيها تأتأة مهما كانت شدة التأتأة لدى الشخص، وهي حال حديثه مع نفسه، أو قراءته للقرآن مُجوِّدًا، أو غنائه، أو الحديث مع طفل أو حيوان أليف، وربما يكون هناك علاقة مميزة مع شخص ما تجعله يتحدث معه بطلاقة. ومن جهةٍ أخرى، تزداد شدة التأتأة تلقائيًا في مواقف معينة؛ كالحديث أمام شخص غريب أو جمهور من الناس، أو التعرض لإحراج من لعثمته، وغير ذلك. ويتفاوت الأمر من شخصٍ لآخر. ويتعرض المتلعثم لانتكاسات أحيانًا خلال فترة العلاج أو بعدها.
يساعد على علاج التأتأة جلسات العلاج النطقي بواسطة مختص، ويتم ذلك بالاستراتيجيات السابق ذكرها ويمكن إرفاقها بالأجهزة والتطبيقات مثل جهاز DAF الذي أصبح يتوفر منه تطبيق مجاني ويساعد على التحكم بالطلاقة أثناء استخدامه. قد يحتاج البعض ممن هو سبب لتأتأتهم الاضطراب النفسي لزيارة مختص نفسي لمعالجة السبب أولًا.
وتدعم البيئة المحيطة بالمتلعثم قدرته على التحسن والتطور في العلاج، ويظهر ذلك في السماح له بالتعبير بحرية ودون استعجال مهما أظهر من لحظات لعثمة، وتشجيعه على الكلام والإنصات له، وعدم السخرية منه مطلقًا أو الضحك عليه حال حدوث اللعثمة، ومنع أي شخص من ذلك.
موسوعة دروب المعرفية - منصة طبكم