أمام الأمراض المزمنة وقدرتها على التطور لا يسع العلماء إلا بذل المزيد من الجهود في الدراسات والأبحاث التي من شأنها أن تقدم علاجات متطورة لهذه الأمراض, وسط إنتشار كبير لبعض الأمراض المزمنة وزيادة أعداد المصابين بها مثل أمراض القلب والسكري وإرتفاع مستويات ضغط الدم, والبشرى التي نزفها في سياق هذا التقرير أنه بالفعل هناك آمال جديدة لمرضى السكري على وجه الخصوص بعلاج متطور يؤخذ عن طريق الفم وعلاج آخر بيقوم على أساس إستبدال خلايا الجسم التي تعمل على إنتاج الأنسولين بشكل طبيعي, فما قصة هذه العلاجات؟ وما هي آلية عملها؟ وهل بالفعل ستكون العلاج المنتظر لواحد من أكثر الأمراض المزمنة إنتشار؟ هذا ما سنوضحه بشكل مفصل.
السكري
قبل الخوض بتفاصيل مرض السكري لا بد من معرفة أنه مرض يشمل نوعين وهما النوع الأول والنوع الثاني, والأساس بهذا المرض هو أنه يؤثر على آلية إستخدام الجسم لسكر الدم الذي يطلق عليه الغلوكوز, ومن المعروف أن الغلوكوز مهم جدا لصحة الجسم لأنه مصدر أساسي لمد الخلايا المتواجدة بالعضلات والأنسجة بالطاقة عدا أن الغلوكوز ايضا من المصادر الرئيسية للطاقة في الدماغ.
وكما أشرنا سابقا للسكري نوعان هما النوع الأول والذي يتعلق بالأنسولين حيث مرضى هذا النوع يحتاجون إلى حقن الأنسولين, والنوع الثاني وهو غير متعلق بالأنسولين ومرضى هذا النوع يتناولون علاجات فموية له بالإضافة إلى إتباع نظام غذائي محدد.
الجديد بعلاجات السكري
في الواقع إن الأبحاث والدراسات ذات العلاقة بالسكري مستمرة منذ سنوات طويلة ولا تتوقف أبدا, ففي عام 2013 تم تسويق جيل جديد من الأدوية التي أصبحت أدوية رائدة في علاج مرض السكري وذات آلية عمل تختلف بشكل كامل عن الأدوية السابقة أما فاعليتها فهي تتعلق بما يطلق عليه "نظام الإنكريتينات" وهو عبارة عن هرمون يتم إنتاجه في الأمعاء بعد تناول الطعام مع إرتفاع مستويات الجلوكوز, بالتالي تعمل هذه الهرمونات على جعل البنكرياس يقوم بإنتاج كميات أكبر من الأنسولين مما يساعد الجسم على تنظيم مستويات الجلوكوز في الدم.
ومن أبرز أدوية هذا الجيل الذي نتحدث عنه هي:
_أدوية بييتا, وهو عبارة عن الإنكريتين بذاته ويتم إستخدامه من قبل مريض السكري مرتين بشكل يومي من خلال الحقن, أما الإنكريتين فإنه يتحلل بشكل سريع بالجسم من خلال أحد الأنزيمات.
_جينوفيا, وهو دواء يعمل على تثبيط عمل الأنزيم المسؤول عن تحليل الإنكريتين مما يؤدي إلى إرتفاع مستويات الأنكريتين ذو الفاعلية, كما يزيد ايضا من تأثيراته على البنكرياس الذي من المعروف أنه يعمل على إنتاج الأنسولين ومن خلال هذه الآلية فإن دواء جينوفيا يعمل على موازنة مستويات الجلوكوز لدى مرض السكري.
العلاجات الفموية المتطورة
إبتكار مهم توصل إليه مجموعة من العلماء في جامعة كولومبيا ويعتبر من أحدث الطرق العلاجية لمرض السكري والذي يرتكز على حساسية الأنسولين ويؤخذ من خلال الفم.
حيث إستطاع العلماء من العمل على زيادة سرعة إمتصاص الأنسولين من خلال الأقراص التي يتم وضعها ما بين اللثة والغشاء المخاطي للشدق في منطقة تجويف الفم, بالمقابل تم إكتشاف أن الخيارت الأخرى للأنسولين التي تؤخذ بشكل فموي كانت أقل فاعلية من الدواء المبتكر, وهذا بسبب أن الهرمون يتراكم بكميات مختلفة في المعدة لكنه لا يصل أبدا إلى الكبد.
أما إذا أردنا الحديث عن مكونات الدواء الجديد فهو عبارة عن دقائق نانوية يصل مقاسها إلى نحو 318 نانومتر, كما أنها تحتوي على كل من الأنسولين والصوديوم والشيتوزان والتريبوليفوسفات ومثل هذه المكونات تكون قد خضعت للتجفيف من خلال الغاز الساخن لتنفصل بعدها الجزئيات الصلبة عن المذيب, أما وعند تسليط الضوء بشكل أكبر على كميات الأنسولين في هذا الدواء فإنها تبلغ 25% من إجمالي المادة الناتجة وبالنسبة إلى كفاءة امتصاص الهرمون فإنها تصل من 98_99%.
وحسب أراء الباحثين المطورين لهذا الدواء فإن سيكون العلاج الذي سيحسن من حياة الملايين من مرضى السكري, في خطوة ستجعلهم لا يضطرون إلى إستخدام حُقن الأنسولين العديد من المرات بشكل يومي.
علاج آخر
اما العلاج الاخر الذي سنسلط الضوء عليه هو دواء يقوم على أساس إستبدال او إصلاح خلايا الجسم التي تعمل على إنتاج الإنسولين في الجسم, حيث إستطاع الباحثون على هذا العلاج أن يتوصلوا إلى تحديد جُزيّء له دور في تحفيز نمو الخلايا الجديدة التي تعمل على إنتاج وإفراز الانسولين.
وتم التركيز في الدراسات الحديثة من قبل باحثين في أحد المعاهد في السويد على فحص جُزيّء صغير قد يساعد بتجديد خلايا بيتا, وبالفعل تم التعرف على أحد الجزئيات لكن بقية مسألة آلية عمله وفاعليته مجهولة من قبل الباحثين, ومن أجل الوصول إلى إجابات حول ذلك قام الباحثون من جديد بإجراء فحص على التفاعلات لخلايا بيتا ليتوصلوا إلى أنها ذات إرتباط بأحد البروتينات, وفي حال السماح لبروتينات أخرى بالتفاعل بشكل أكبر فإن ذلك يعمل على زيادة تجديد خلايا بيتا